
كيف نعزّز الشعور بالسيطرة في ظلّ الحرب
في ظلّ الحرب، يعاني كثيرون منّا من توتّر وضغط نفسي شديد، وهذا أمر طبيعي تمامًا. ومع ذلك، فإن جزءًا كبيرًا من الأطفال والبالغين لن يحتاجوا إلى علاج نفسي، لأن لديهم مناعة نفسية قوية وآليات تمكّنهم من التعامل مع الظروف الصعبة.
في المقابل، هناك أطفال وبالغون يحتاجون إلى علاج فوري وفعّال يساعدهم على منع المعاناة النفسية.
فيما يلي توضيح يساعدكم على تحديد متى يجب التوجّه للعلاج، إلى جانب نصائح وأدوات عملية تساعد على الحفاظ على التوازن النفسي في أوقات الحرب، حين تتزعزع مشاعر السيطرة.
ردود الفعل الطبيعية أثناء الحرب
الخوف:
ردّ فعل طبيعي للحرب، إذ يساعدنا على حماية أنفسنا ويدفعنا إلى “الفرار أو المواجهة”.
من أعراضه: تسارع ضربات القلب، ضيق في الصدر، صعوبة في التنفّس، رعشة في الجسم، تعرّق، جفاف الفم، تكرار التبوّل، إسهال، آلام البطن والرأس، دوخة أو حكّة في الجلد.
اليقظة الزائدة:
استجابة طبيعية أيضًا، فهي تساعدنا على البقاء في حالة استعداد لكل طارئ وحماية أنفسنا من الأذى.
مشكلات في النوم:
صعوبة في النوم أو الاستمرار في النوم طوال الليل.
فقدان الشهية أو الإفراط في الأكل:
الحزن والخوف يؤثران على الشهية.
البكاء أو نوبات الغضب:
نصبح أكثر حساسية، نغضب بسرعة، ونتأثر بسهولة. بعض الأطفال قد يظهرون لا مبالاة أو انفصالًا عاطفيًا بدلًا من البكاء.
التعلّق بالأهل:
يتمسّك الأطفال بوالديهم خوفًا من فقدانهم، ويجدون صعوبة في الذهاب إلى الحمام وحدهم أو النوم بمفردهم.
الانشغال بفكرة الموت:
يسألون أسئلة مثل: “هل سأموت؟ هل يمكن أن تموتي؟”
الحزن وفقدان الطاقة:
انخفاض الرغبة في اللعب أو الدراسة.
فقدان السيطرة على الاحتياجات الجسدية:
قد يعود بعض الأطفال إلى استخدام المصّاصة أو يتمسّكون بلعبتهم المفضّلة.
الشعور بالذنب:
بعض الناس يشعرون بالذنب لأنهم ما زالوا يضحكون أو يعيشون حياة طبيعية بينما آخرون يعانون. هذه تُعرف بـ”ذنب الناجين”، وهي استجابة شائعة لدى من نجا من مأساة بينما غيره لم ينجُ.
العار:
أحيانًا يشعر الأشخاص بالخجل من تصرفاتهم أثناء الحدث (“صرخت كثيرًا”، “اهتممت بنفسي ولم أساعد الآخرين”، “كنت جبانًا”).
حتى الرضّع قد يُظهرون قلق الانفصال، صعوبة في الأكل، النوم أو الهدوء.
كل هذه ردود أفعال طبيعية تزول تدريجيًا بعد فترة من التكيّف.
طرق بسيطة لتعزيز الشعور بالسيطرة
تشتيت الانتباه:
قدّموا للأطفال أنشطة تُبعد تفكيرهم عن الحرب مثل الاستماع للموسيقى، اللعب، أو الرسم.
الحفاظ على الروتين اليومي:
وجبات منتظمة، تنظيف الأسنان، الاستحمام، قراءة قصة قبل النوم.
الفكاهة:
كما كتب سيغموند فرويد، الفكاهة تساعد على تخفيف التوتر المكبوت. حتى في أحلك الظروف، استخدم الناس النكتة للحفاظ على اتزانهم النفسي، مثل اليهود في معسكرات الاعتقال الذين استخدموا الفكاهة السوداء للسخرية من الموت.
يمكن للأطفال كتابة أغاني أو نكات عن الوضع الحالي لتخفيف الضغط النفسي.
الاستمتاع:
قضاء وقت مع الأصدقاء، شراء كتاب أو لعبة جديدة، تناول وجبة لذيذة — المتعة مهمة للحفاظ على الروح الإيجابية، حتى في الأوقات الصعبة.
التهدئة:
احملوا الطفل بين ذراعيكم وتنفسوا ببطء معًا.
يمكن للأطفال الصغار تهدئة دميتهم كتدريب على التهدئة الذاتية.
اطلبوا من الطفل أن يخبركم ما الذي يساعده على الشعور بالراحة.
طرق تهدئة إضافية:
– تخيّل الجسد كأنه “مكرونة مطبوخة طرية”.
– القفز عشر مرات في المكان مثل كرة.
– الاستلقاء وكأن الجسد دمية قماشية بلا توتر.
التنفيس عن المشاعر:
شجّعوا الطفل على التحدث عمّا يشعر ويفكر به، واستمعوا له مع كلمات تشجيع مثل: “أنا أفهمك، الأمور ستتحسّن”.
يمكنه أيضًا التعبير من خلال الرسم.
لكن، إذا كان الطفل أو البالغ قد تعرّض مباشرة لإصابة أو موت أو دمار، يجب تجنّب التحدث بتفصيل عن الحدث الصادم فورًا، لأن ذلك قد يؤذي أكثر — من الأفضل ترك الوقت لآليات الدفاع النفسية.
زرع الأمل والقدرة على التغلّب:
اذكروا مواقف سابقة تغلّبتم فيها أنتم أو أطفالكم على الخوف (مثل الخوف من الظلام أو ركوب الدراجة).
النشاط البدني:
اللعب، الجري، القفز، أو لعب الكرة يساعد في تفريغ التوتر.
إيقاف الأخبار:
رغم الصعوبة، من الضروري أخذ فترات استراحة من الأخبار المؤلمة.
التحدث بصراحة عن الوضع:
الأطفال يشعرون ويعرفون أكثر مما نتصوّر. استخدموا لغة مطمئنة مثل:
“فاجأونا، لكن لدينا جيش قوي وسننتصر كما حدث قبل خمسين سنة. سنتعلّم من ذلك ونمنع تكراره.”
منح الأطفال أدوارًا:
اطلبوا منهم المساعدة في مهام صغيرة: ترتيب المنزل، إعداد الطعام، رعاية الإخوة، المساعدة في التسوّق.
جمل الشجاعة
زوّدوا الأطفال بعبارات إيجابية تُقال بصوت عالٍ أو تُسجّل للاستماع إليها يوميًا:
سنتغلّب على الصعوبات.
لديّ قوة، أنا قوي/قوية.
أنا شجاع/شجاعة.
يمكنني الاعتماد على عائلتي.
أستطيع التغلّب على الخوف.
أفكار داعمة إضافية
دعوة صديق للّعب.
الاستماع لموسيقى مرِحة، القفز والرقص.
خبز البسكويت مع أحد الوالدين.
القفز بالحبل.
تأليف أغنية مضحكة.
لعب ألعاب تتطلب حركة.
مشاهدة مسلسل كوميدي.
قول “عبارات الشجاعة” قبل النوم كل ليلة.
ويمكن أيضًا إنشاء برنامج تعزيز إيجابي لتحفيز الأطفال، مثل جدول نجوم يومي حيث يحصلون على نقاط مقابل سلوك جيد (تنظيف الأسنان، المساعدة في المنزل…)، ويتم استبدال النقاط بمكافآت صغيرة.
هذه الإرشادات تساعد الأطفال والبالغين على استعادة الشعور بالأمان والسيطرة النفسية خلال فترات الحرب والضغوط الشديدة.
متى يجب التوجّه لطلب مساعدة مهنية؟
الأشخاص الأكثر تضرّرًا هم من تعرّضوا مباشرة للأحداث — مثل المصابين بالصواريخ أو الأطفال في مناطق المواجهة الذين شهدوا الأحداث المروّعة في الكيبوتسات.
لكن أيضًا الأطفال والبالغون في الدوائر الأوسع — مثل الجيران، الأقارب، أو من شاهدوا صور المجازر المروّعة — قد يمرّون بما يُعرف مهنيًا باسم “استجابة التوتّر الحادّ”.
هذه الاستجابة طبيعية ويمكن أن تستمرّ حتى شهر واحد بعد التعرّض للأحداث الصادمة.
ومع ذلك، إذا كانت الأعراض شديدة أو مستمرّة، يُنصح بالتوجّه للاستشارة مع الطاقم المهني في برنامج “أنتم معي”، المتخصّصين في علاج ردود الفعل الناتجة عن الصدمات النفسية.
